الصفحات

الاثنين، 3 يناير 2011

نحن البشر من يحمينا؟ ـ2ـ

بعد قدومي إلى اليابان وانتسابي لأحد المختبرات المختصة في الميكاترونيكس الحيوي طلب مني الدكتور المشرف الاطلاع على آخر الدراسات في هذا المجال لاتخاذ القرار فيما إذا كنت راغباً في الاستمرار في هذا النوع من الأبحاث أو الانتقال إلى مجال آخر. خلال تلك الفترة قرأت العديد من المقالات حول هذا العلم.. أهمها كان عن الدراسات التي تناولت الدماغ البشري والأعصاب. هذه الدراسات أذهلتني من حيث القدرات التي وصلت إليها تلك التجارب.. وبنفس الوقت صورت لي مستقبلاً قاتماً لنا نحن الدول التي مازالت خارج تغطية البحث العلمي...ماذا لو أمتلكت الدول المتقدمة قدرة السيطرة على الدماغ البشري... يمكنكم تخيل المستقبل المرعب الذي سينتج عن هكذا فجوة حضارية.. هذا ما قادني في تلك الفترة للبدأ بسلسلة نحن البشر... من يحمينا ..؟؟ـ ... لم أنشر الجزأ الثاني لسببين الأول هو أن الكتابة في مواضيع علمية يحتاج الدقة وبالتالي يتطلب جهداً أكبر ووقتاً أطول*. السبب الثاني لكون الجزء الأول لم يثر أي اهتمام فقد ثبط هذا من همتي على القيام بتخصيص الوقت والجهد لكتابة شيء لن يُقرأ..ـ

أعود اليوم لرفع هذه التدوينة من الأرشيف بعد قراءتي لمدونة كنان عن التجارب الصرصورية التي أدهشته..ـ
ـ سأقوم هنا بوضع ملخص عن أخطر الأفكار المتضمنة في الدراسات التي اطلعت عليها..ـ

أولاً.. التحكم بالتجهيزات الخارجية
التطبيق المحتمل لهذه الدراسة هي إمكانية تسيير الروبوت بواسطة دماغ بيولوجي وتتم تطبيق التجربة بشكل مبسط على دماغ فأر قام بتسيير روبوت بسيط بواسطة اشارات صادرة عن دماغه، بشكل عام التجربة بسيطة اعتمدت على عدد قليل من المدخلات والمخرجات ولكنها ناجحة وقابلة للتطوير... أي أنه في المستقبل قد يتمكن الإنسان التحكم بالآلات بالتفكير فقط لا غير.. تصوروا مثلاً إنسان يرافقه روبوت بادي غارد.. أو جندياً يتحكم بعدد من الروبوتات المحاربة..ـ

ثانياً.. دراسة حول إمكانية تخاطب التجهيزات الإلكترونية مع الدماغ البشري
في أمريكا ** تم تنفيذ تجربة على أحد الأشخاص حديثي العمى لمحاولة التخاطب مع مركز الإبصار في الدماغ.. تم تزويد النظارات بكاميرا صغيرة.. تنتقل الصورة على شكل إشارة إلى النهاية الخلفية للنظارة خلف الأذن ومنها إلى شريحة الكترونية زرعت تحت الجلد. وظيفة الشريحة الالكترونية هي تحليل الإشارة القادمة وتحفيز مركز الإبصار بشكل متوافق مع هذه الإشارة، والنتيجة أن المريض أصبح قادراً على الإبصار. برغم أن الصورة ما زالت غير واضحة تماماً ولكن يمكنكم تصور ما سيحدث بعد عشر سنوات.

قد تقولون أن الأمر جيد ولا يدعو للخوف.. ولكن أدعوكم لتتبع التجربة التالية..ـ
ثالثاً.. إمكانية التحكم بالإحساس البشري
وهذه أخطر تجربة شاهدتها ضمن فلم وثائقي والنتائج أرعبتني حقاً.....ـ التجربة تم تطبيقها في أمريكا على مريضة تعاني من اكتئاب مزمن ولم تنجح المعالجات المعروفة وعقاقير الاكتئاب في الحد من حالتها..ـ فقام أحد الجراحين بغرس مجموعة من الأسلاك لتحفيز مراكز الشعور في الدماغ.. مرتبطة بجهاز خارجي واستطاع بعد أربعة أيام فقط بعد العملية (هذه المدة لازمة لمعايرة البارمترات المختلفة) من جعلها تنتقل من الفرح إلى اليأس والبكاء خلال دقائق.. وبالعكس.. بمجرد تغيير البارامترات بواسطة الجهاز الملحق.. النتائج مذهلة ومرعبة بنفس الوقت.. ـ

رابعاً.. وضع قاموس للدماغ
نعم ما قرأته صحيح.. الآن يتم وضع أول قاموس لترجمة الأفكار.. كل فكرة تخطر لك تحفز أماكن مختلفة في الدماغ بشكل مختلف.. وهذا يعني أنه بمجرد إلباس الشخص قبعة تحتوي مجسات يمكننا رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لنقاط التحفيز في الدماغ.. وبوجود هذا القاموس نستطيع معرفة ما يفكر به الشخص القابع تحت القبعة.. رغم أن هذه التجارب مازالت في مراحلها الأولية إلا أن القاموس يحتوي اليوم ما يقارب الخمسين كلمة (فكرة)..ـ


لنخرج من الدراسات الدماغية ولنأتي إلى الأعصاب والعضلات
خامساً.. التحكم بمراكز الحركة (العضلات)..ـ
هنا سأتحدث عن تجربة يتم تطويرها في المختبر الذي أعمل به.. تقوم التجارب على التخاطب مع العضلات بواسطة تجهيزات سطحية (حساسات ومحفزات سطحية) حيث يتم تحريك العضلات بواسطة محفزات خارجية أو بالعكس أي القيام بتحريك تجهيزات خارجية بعد التقاط الاشارات الناتجة عن حركة العضلات...ـ والهدف النهائي الذي بدأ العمل فيه هو لباس مدعم بتجهيزات معينة سيسمح هذا اللباس للمصابين بالشلل الجزئي أوالكلي التحكم بأجسادهم باستخدام الجزء الباقي من عضلاتهم الإرادية حيث يتم التحكم بواسطة معالج خارجي.. أي سيصبح بإمكانهم المشي مثلا بعد تشغيل برنامج للمشي محمل في الذاكرة الالكترونية للمتحكم عن طريق تحريك الشفتين مثلاً وهذا خبر جيد بالنسبة لمرضى الشلل.. ولكن بالنسبة للشخص الطبيعي تستطيع الإشارات الخارجية التغلب على إشارات الدماغ وبالتالي.. يمكنك بمجرد إلباس شخص ما هذا اللباس التحكم به وجعله يتحرك حركات مبرمجة بغض النظر عن إرادته..ـ

سادساً.. وصل الآلات بشكل مباشر مع الأعصاب البشرية
هذا البحث كان من المفترض أن أبدأ به قبل أن أجد أن أحد المخابر في أمريكا قد بدأت بتنفيذ الفكرة.. وتتلخص بأن الأعصاب الرئيسية تنقل إشارات مختلفة إلى الأعضاء المختلفة من الجسم وهذا يقوم على افتراضين.. الأول اختلاف شدة الإشارة وطبيعتها (وهذا باعتقادي احتمال ضعيف لأسباب بيولوجية) والثاني يقوم على نقل الإشارة وفق مسارات فرعية ضمن العصب الرئيسي..ـ
وتقوم الدراسة على تصميم وصلة تقوم بنقل الإشارات القادمة عبر المسارات الفرعية المختلفة دون اختلاط وهذا يعني القدرة على فصل اشارات الخرج القادمة عبر الأعصاب ومن ثم استخدامها للتحكم بمعدات معينة..ـ وهذا يعني باختصار أن وصل أطراف صناعية آلية إلى الجسم البشري لم يعد خيالاً علمياً.. وإنما مسألة وقت لا أكثر...ـ

في النهاية ما وددت قوله أن دراسات الدماغ البشري وصلت لمرحلة خطيرة جداً والتحكم بالأعضاء البشرية وصل لمرحلة متقدمة.. ويبدو أن أمريكا هي من تقود العالم في هذا المجال من الأبحاث.. والسؤال ما هو مستقبل شعوب العالم الثالث في حال امتلكت دول محددة لتلك التقنيات.. وماذا عن البشر الذين سيولدون في الجيل القادم مدعمين الكترونياً..ـ

---
* (هذه الدراسات تطرح قدرات أقرب ما تكون إلى الخيال العلمي بالنسبة للقارئ غير المختص، فكانت الخطة تقتضي وضع روابط لجميع الدراسات المتعلقة وهذا كان يحتاج لوقت لإعادة البحث عنها وتنظيمها.. )..ـ
** أمريكا: أي الولايات المتحدة الأمريكية.

هناك 7 تعليقات:

  1. ما كنت بعرف انو هلمجالات ضمن اختصاص الميكاتورنيكس

    صدقني عم اقرا المكتوب وانو لغويا واضح بس ماني قادر اتخيلو

    في عندك فيديو او ايا ميديا مساعدة حتى لو بأحجام كبيرة 1 غيغا مو مشكلة

    ردحذف
  2. أهلاً غابريل

    حقيقة لايوجد بحث يصنف تحت بند محدد تماماً.. الأبحاث التي تحدثت عنها تضم باحثين من مجالات مختلفة من الهندسة إلى الطب والرياضيات.. وبالتأكيد المكاترونيكس أحد تلك الاختصاصات..ـ

    من أجل ملفات الفيديو

    الفكرة الأولى موضحة في مقطعي اليوتيوب..ـ
    Robot with a rat brain
    http://www.youtube.com/watch?v=1QPiF4-iu6g

    http://www.youtube.com/watch?v=1-0eZytv6Qk&feature=related

    من أجل معلومات عن البند الثالث (وأعتقد إن لم تخني الذاكرة يضاف إليه البندين الثاني والرابع..)ـ
    هناك فلم وثائقي منقول عن كتاب لشخص يدعى
    Michio Kaku
    اسم الفلم والكتاب
    Physics of the Impossible
    يمكنك تحميل الكتاب ككتاب صوتي أيضاً

    كان الفلم متوافراً على اليوتيوب وبعض المواقع ولكن تم حذفه.. هو عبارة عن ثلاث حلقات أحدها يتحدث عن الفضاء والسفر عبر الزمن
    وهناك جزء يتحدث عن الميكاترونيكس الحيوي يتضمن معلومات عن بعض هذه الأبحاث..ـ

    أعتقد أنه يمكنك بشكل أكيد إيجاد الكتاب والفلم على أحدى مواقع مشاركة الملفات..ـ

    في حال لم تستطع الوصول إليها فيمكنك معاودة مراسلتي على الايميل لأبعث لك بنسخة من الكتاب الصوتي


    لمعلومات أكثر عن البند الخامس يمكنك البحث عن المصطلح التالي
    Functional electrical stimulation (FES)

    http://en.wikipedia.org/wiki/Functional_electrical_stimulation

    تحياتي

    ردحذف
  3. مرة أخرى .. مرحباً غابريل ـ
    من الجيد أني وجدت رابط الفلم ولن تحتاج للبحث عنه

    الرابط يحوي الأجزاء الثلاثة.. يمكنك مشاهدة التجربة المذكورة في البند الثالث ضمن الجزء الأول (ثورة الذكاء) بدأً من الدقيقة 43..ـ

    http://topdocumentaryfilms.com/visions-future/

    مشاهدة ممتعة

    ردحذف
  4. ما بعرف شو بدي قلك
    صار شفت الفيديو 3 مرات وووزعتو على كل رفقاتي من المهتمين بهلمجالات
    حتى اني وصلتلو للدكتور المشرف على مشروع تخرجي
    بخليك تحس بعظمة البشرية وعظمة العلم
    بتوقف محتار قدام الفكر المتطور اللي قدر يحول الخيال ( الخيال بكل معنى الكلمة ) لحقيقة !
    ونحن لسع عم نحكي بشغلات أكل الدهر عليها وشرب وعم نتناقش بمدى صحتها وصحة تطبيقها بعصرنا الحالي

    يا حرام على عيشتنا بس

    شكرا كتير على تعريفي بهلمجال

    ردحذف
  5. بتعرف غابريل
    إني انبسطت لما شفت حدا هزوا الموضوع متل ما هزني اول مرة
    والمشكلة ان هذا مجال واحد وفي كل المجالات تتكرر قصة هذه الفجوة الحضارية والأبحاث التي كنا نحسبها في نطاق الخيال العلمي..

    منشان نحنا.. في كتير كلام بالعو وما حابب احكيه هلق ولكنك اختصرتو بكلمتك
    يا حرام على عيشتنا بس

    تحياتي

    ردحذف
  6. في بداية الثمانينات كان في مشروع متطور لصناعة معالجات الكمبيوتر من الخلايا العصبية وكان مجرد الأطلاع على الافكار والطريقة اللي عميشتغلو فيها بتخلي الواحد يفوت بالحيط رسمي، اظن مع الوقت اصبحنا متألفين مع الفكرة شوية شوية،
    وخاصة مع مشروع القرن الماضي في صنع اول خلية حية،

    المشكلة انو العالم مو بس مفصول فقراء عالم ثالث واغنياء عالم اول،
    العالم حاليا مفصول إلى عالم متطور يملك تكنولوجيا وعالم متخلف غير قادر حتى تجاوز مشكلة الجفاف،

    وين رايحين؟؟؟ سؤال مرعب، بس بنفس الوقت لذيذ بمعنى في
    تشوق لمعرفة النتائج

    فيك تقول صارت الحياة متل فيلم تفاعلي لازم تشارك بأحداثو بس نحن بالعالم الثالث مكتفين بالفرجة وحارمين حالنا متعة اللعبة

    وبس

    ردحذف
  7. أهلا لؤي..ـ
    هي بداية التمانينات .. ما كتيير بتذكرها.. باعتبار كان عمري وقتها بالسالب... على كل يعطيهون العافية عم يشتغلو..ـ

    تصنيف العالم الأول والثالث .. هيدا عليه حكي كتيير ولكن بالتأكيد لم يأتي التصنيف من فراغ.... ـ

    المشكلة ياريت أننا نكتفي بالفرجة والصمت.. الآن أصبح دورنا تخريبي..ـ

    ويين رايحين .. أنا حاسس أنو ريحين بثيات نحو اتساع الفجوة العلمية.. ومن ثم الانقراض..ـ

    تحياتي

    ردحذف