الصفحات

الخميس، 23 ديسمبر 2010

يوميات يابانية -9- طلبيّة

تدوينة اليوم خفيفة ظريفة... ـ
منذ فترة تعطل لدي جهاز كهربائي نتيجة كسر قطعة ملحقة.. فما كان مني إلا أن طلبتها عبر الإنترنت.. لتأتي لعند باب المنزل.. سبحان الله..ـ
نعم سبحان الله بالنسبة لي أنا القادم من بلد دخل القرن الواحد والعشرين بدون نظام بريدي فتخيل يرعاك الله.. ـ عندما أدخل مؤسسة البريد في الوطن أشعر أنني عدت إلى القرون الوسطى يوم كان نقل الرسائل يتم على ظهور الأحصنة أو بالحمام الزاجل... الفرق الوحيد انهم استبدلوها أي الأحصنة بالسيارات ولكن النظام بقي نفسه منذ ذلك العصر...ـ المضحك المبكي أنه لحد الآن لم يستطع جهابذتنا في مؤسسة البريد من التوصل لطريقة ما لتنظيم العناوين في دولة لا يزيد فيها عدد الوحدات السكنية عن عدة ملايين بالكاد تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة..ـ لذلك مازلنا نكتب على خلفية الرسالة.. جانب بقالية أبو أسامة المدخل الثالث بعد الإشارة...ـ ويبدو أن هذه الحالة ستستمر طالما أن مؤسسة البريد المحترمة لم ولن (في المستقبل القريب على الأقل) تؤدي أبسط وأهم وظائفها وهي عنونة الوحدات السكنية... ثم هل من المنطقي أن تبقى وظيفة مؤسسة بهذه الضخامة مقتصرة على نقل المراسيل.. إذا لا داعي لهكذا مؤسسة بوجود البريد الالكتروني ـ
من الممكن الاستمرار بهذا الحديث حتى الصباح.. فليس أسهل من نقد مؤسسة شبه مشلولة تؤدي نسبة بائسة من عملها لا تتجاوز العشرة في المئة حسب رأيي الشخصي.. حيث تساهم شركات نقليات البولمان بتغطية جزء كبير من إهمالها على الصعيد الداخلي.. بينما يبقى جزء بسيط لا يكاد يذكر من نسبة العمل هو مراسلات خارجية.. تؤديها المؤسسة بكفاءة محدودة.. وبالتأكيد تعرفون العديد من القصص للأوراق التي فقدت في دروج المؤسسة ولا داعي لذكرها..ـ

المهم لم يكن ذاك صلب التدوينة ولكنني لم أستطع المرور دون التنويه.. القصة التي أحببت أن اكتبها هنا.. ترتبط بموضوع توفير الطاقة والمادة التي تُتَبع في الدول المتقدمة واليابان بالمناسبة متقدمة جداً في هذا المجال سواء من حيث إعادة تدوير المواد المصنعة أو الوعي الشعبي العام بأهمية القضية...ـ ولأوضح مدى اهتمام اليابانيين بالبيئة سأقول لكم أنه في اليابان تفرز القمامة منزلياً إلى أربع أجزاء رئيسية.. (عضوية، علب الكنسروة وصنفين آخرين من اللدائن -البلاستيك-) ولكنها في الحقيقة وفق النظام يجب فصلها إلى إحدى عشر شكلاً مختلفاً قبل التخلص منها.. (بعد الأجزاء الأربع الرئيسية تصبح قضية الفصل قضية وعي شخصية والأجانب مثلاً قلّ ما يلتزمون بالأجزاء الأحدى عشرة) ...ـ

نعود إلى القطعة التي طلبتها من الإنترنت... أترككم هنا مع الصورـ

رنّ الجرس وسلمني ساعي البريد الصندوق الذي كان علي أن أحمله بكلتا اليدين.. ـ



فتحت الصندوق فوجدته شبه فارغ إلا من القمامة


أخرجت القمامة لأرى ظرفاً بحجم ورقة الكتابة مع الفاتورة


فتحت الظرف لأرى داخله ظرفاً آخر


واخيراً وصلتُ إلى ما طلبت...:)..ـ

أجد أحياناً قضية التغليف في اليابان غبية جداً هل حقاً كان عليهم أن يبعثوا لي بكل هذه القمامة... من أجل قطعة بالكاد تتجاوز أبعادها السنتيمتر الواحد...ـ هذه القضية لاتقتصر على البريد فقط وإنما حتى في المنتجات البسيطة مثل تغليف البسكويت التي تضحكني في كثير من الأحيان كأن تشتري كيس بسكويت يشبه كيس البطاطس مثلاً وهو يحتوي عدة بسكوتات دائرية الشكل قد لا يصل عددها إلى العشرة.. ولكن المثير أن كلاً من هذه القطع مغلفة أيضاً.. بحسبة بسيطة فإنك تحصل على 11 مغلفاُ من القمامة لكل عشر بسكوتات...ـ

كمية الهدر في المادة والطاقة هائلة هنا.. لدرجة أن نسبة كبيرة من القمامة المنزلية هي بقايا تغليف لمنتجات اشتريتها... ـ

هناك 4 تعليقات:

  1. شو هاد!!
    خاب أملي باليابانيين :(

    ردحذف
  2. عندما رفض "الثوار" الانتداب، فذلك يعني أنهم رفضوا رموز البريد والخرائط المدنية وأنظمة الدولة الأخرى التي كان من المخطط لها أن ترى النور بعد خدمات الكهرباء والمياه والهاتف. وعندما رفضت "الثورة" آراء الآخرين، فذلك يعني أنها رفضت التعددية السياسية وحرية الشعب وما كان من المخطط له من دولة مؤسسات ديمقراطية. وعندما رفضت "الحركة" الآخرين، فذلك يعني أنها رفضت أي وجود لهم وأي إدراك لوجود احتياجات ومطالب لهم، وما كان مخطط له من توزيع عادل للثروة والخدمات.

    ردحذف
  3. حقيقة، قد أوافقك على المبدأ بشكل جزئي.. ولكن لا أعتقد أن بقاء الانتداب كان سيوصلنا لحالة أفضل.. على الأقل بالنسبة للمستقبل الطويل الأمد..ـ
    أعتقد أن المشكلة في العالم العربي خلال الخمسين سنة الأخيرة هي (بدأت المشكلة بالكثير من النوايا الطيبة والقليل جداً من التنظيم..) فوجدنا الدولة تعمل بمبدأ الارتجال و رد الفعل بدل التخطيط للمستقبل.. وهذا بالمناسبة هو نتيجة الثقافة الجمعية التي كانت سائدة في المجتمع.. في السنوات الأخيرة وبعد تأخر كبير بدأ الانتباه إلى هذه النقطة (دول الخليج متفوقة على البقية في مجال التنظيم نتيجة شراء الخبرات الأجنبية)..

    تحياتي

    ردحذف