الصفحات

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2008

ساركوزي زار سورية أول مرة قبل 9 سنوات

سيزور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دمشق لأول مرة كرئيس للجمهورية يوم الأربعاء. ولكنها لن تكون زيارته الأولى. فقد اكتشف سورية عام 1999 برفقة زوجته السابقة سيسيليا، حيث أمضيا إجازة لمدة ثمانية أيام عاد منها بانطباع مختلف تماماً عن الصورة التي كانت لديه قبل زيارة سورية. صورة كانت قائمة على «الأفكار الجاهزة»، كما يقول ساركوزي، رئيس بلدية نويي آنذاك. إذ وصف انطباعاته عن رحلته الأولى إلى قلب العالم العربي، أو«الجانب الآخر من الجبل»، نسبة لإسرائيل، ضمن كتاب بعنوان «حر» كتبه عام 1999، حول تجربته السياسية.تحدث ساركوزي قبل تسع سنوات عن الصورة التي كانت لديه قبل زيارة دمشق. وكتب: «كنا نحلم بحلب ودمشق وتدمر وبصرى والكثير من الأماكن الأخرى ذات الأجواء الخيالية، ولكن التاريخ والجغرافية والحضارة لم تكن دوافعي الوحيدة، وكنت شغوفاً بفكرة اكتشاف العالم العربي من الداخل، هذا الفضاء الذي لا أعرفه جيداً، وكان غريباً عني رغم أننا نسمع عنه غالباً. فحتى هذا اليوم لم أقم بشيء لأعمق معرفتي به، ولا شك أن تعلقي السياسي بالديمقراطية الإسرائيلية عزز موقف عدم الفهم، وربما اللامبالاة هذا»، واستطرد ساركوزي: «دون أن أتخلى عن التزامي إلى جانب الأمة اليهودية تملكتني رغبة اكتشاف الجانب الآخر من الجبل والإصغاء للنازحين عن الجولان (...) كانت بشكل ما طريقة لامتحان قدرتي على الابتعاد عن التفسير المبسط جداً أو عن الأفكار الجاهزة». وتابع: «ولكن أي صدمة يتلقاها زائر دمشق فأولاً الطوائف تعيش جنباً إلى جنب بانسجام كامل. الحي المسيحي يحاذي الحي المسلم، والمسجد يجاور الكنيسة (...). يمكننا الانتقال من أحدهما إلى الآخر دون أن نلاحظ أي فرق باستثناء يوم الأحد حيث يغلق المسيحيون محالهم».وتوقف ساركوزي في انطباعه عند كرم الضيافة لدى السوريين، قائلاً: «الضيافة ليست فقط مضرباً للمثل، بل حقيقة، وكل واحد يدعوك إلى تذوق الحلويات السورية أو الطبخ التقليدي»، ونوه بشعور الأمان الذي يتمتع به كل من يتنزه ليلاً في المدينة القديمة، وأَضاف: «التاريخ حاضر في كل شيء، وأي واحد يشعر أنه يعيش في مكان جغرافي حيث مهد الحضارة والدين».تطرق ساركوزي في كتابه إلى لقاء جمعه مع مسؤول في حزب البعث، وتحدث عن شغف السوريين بإقناع الآخرين. ولكن في «الوقت نفسه عن ممارسة للحوار غير لبقة وأحياناً غائبة، وهكذا دار اللقاء أربع ساعات ونصف الساعة». وكتب ساركوزي: «كل سؤال من أسئلتي استدعى أجوبة لا تنتهي طالت أحياناً أكثر من ساعة. أستطيع أن أقدر عدم تفهم دعم الغرب لإسرائيل على حين يعتبر السوريون أنفسهم ضحايا ولهذا مسوّغه حيث احتل الجيش الإسرائيلي الجولان وهي أراض سورية. لقد تأثرت أمام التأكيدات التي سمعتها عدة مرات عن أن إساءة العرب لليهود كانت أقل بكثير من إساءة الأوروبيين لهم وخاصة الألمان.وأن العالم العربي ليس ملزماً بدفع ثمن مذبحة اليهود غير المسؤول عنها»، وتابع: «لقد أثرت فيّ دمشق حيث الحضارة والتسامح حاضران في كل زاويةمن زوايا الشارع، عاصمة أصيلة ومكان حقيقي للاختلاط، قريب وبعيد في آن واحد عن كل ما كنت رأيته في السابق (...). وبعد الاحتكاك والإصغاء ومحاولة الفهم لا يسعنا إلا الاقتناع ليس بكل المواقف السورية ولكن على الأقل بحقيقة موقف أكثر تعقيداً مما كنت أتصور من قبل».واعتبر ساركوزي بعد رحلته إلى سورية أن «الاستماع إلى خطاب مختلف يجبر المسؤول السياسي على طرح أسئلة لم يكن ليطرحها أو يعرفها أو لم يكن يريد إثارتها في إطار آخر». ولعلها خلاصة تشرح جزءاً من رؤيته لضرورة الحوار مع الآخر ومحاولة فهم دوافع المواقف السورية، فعلاقته بدمشق بدأت عبر تبادل مجتمعي وثقافي، قبل أن تسلك القنوات السياسية.وقد كتب النص دون أن يطلب منه أحد ذلك، ولم يكن حينها مسؤولاً عن سياسة فرنسا الخارجية. إلا أن قراءة هذا النص الذي كتبه ساركوزي بكل حرية عن رحلته إلى سورية قبل تسع سنوات تقدم لنا جانباً من خلفية فكرية عن سورية قد تكون موجودة اليوم لدى الرئيس الفرنسي.
وسيم الأحمر
المصدر: الوطن السورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق